توعية الأهل السيبرانية أولاً

ريجينا الأحمدية

تدور أغلب الاجتماعات العائلية وغيرها (هذا إذا لا زالت تنعقد) حول موضوع انغماس الجيل الجديد بالتكنولوجيا ووسائلها. وتتذمر الأمهات وكذلك الآباء من عدم قدرتهم السيطرة على أبنائهم في هذا العصر الرقمي.

وتتعمق الأحاديث وتطال المحتويات التي تعرض على مختلف التطبيقات، فتفتح الأم أو الأب حسابه على مختلف أو بعض المنصات وتتصفحها باحثةً عن المحتوى الذي استفزها ليكون إثبات حي على ما يطّلعون عليه الأطفال. وسرعان ما يتلاشى الموضوع ويعود كل فرد إلى جهازه المحمول، ملتقطين الصور وناشريها على المنصات مع تضمنها لتفاصيل دقيقة. والمضحك المبكي هو تسجيل بعض الأهل للفيديوهات برفقة أطفالهم وتضمنها لمحتويات مضحكة أو تشير على ذكاء أطفالهم، متباهين بمهاراتهم وشخصياتهم.

كيف للأبوين أن يتذمروا من سلوك أولادهم وهم يتصرفون بالأسلوب ذاته؟ أليسوا هم القدوة والمثال الذي ينظر إليه الطفل ويتمنى أن يكون مثله؟ لا بل يقتبس تصرفاته وربما يتقمص شخصيته في بعض الأحيان…

إذا كان حمل الهاتف بشكل دائم من قبل الأولاد تصرف مستهجن، فإذاً يجب على الأهل تنظيم وتقليص من وقت استخدامهم لهواتفهم. وليُستثمر هذا الوقت بإمضائه مع الأولاد وتقريبهم من الواقع بعيداً عن كل ما هو رقمي وقد يسبب بتقليص مهارات الطفل الاجتماعية.

وإذا كانت المحتويات الظاهرة عبر التطبيقات مزعجة وغير لائقة، فتحكموا بإعدادات هذه التطبيقات وحددوا نوع المحتوى الذي تفضلون الوصول إلى أبنائكم على الإنترنت. ووجهوا أنفسكم نحو المحتويات الهادفة والمفيدة أيضاً. وتعرفوا على أدوات الرقابة الأبوية وفعلوا وظيفة البحث الآمن. واستخدموا إعدادات الخصوصية الآمنة على التطبيقات والألعاب الإلكترونية.

قوموا باستعراض تصرفاتكم الرقمية السليمة أمام أبنائكم، مثلاً أثناء عدم استخدام كاميرات الويب، قوموا بتغطيتها واستمروا بالعمل على اللابتوب، سيثير ذلك فضول الأبناء لمعرفة سبب قيامكم بهذا التصرف ما سيتيح لكم الفرصة بالتوضيح لهم أن لدى المخترقين القدرة على اختراق الكاميرات و التقاط صور لمستخدمي الأجهزة و إرسالها لجهات مجهولة و استغلالها في عمليات غير مشروعة.

أشركوا أولادكم اليافعين في وضع قواعد خاصة حول الاستخدام السليم والآمن للجهاز مثل تحديد الوقت والمكان والمدة المسموح بها. وساعدوهم على تعلم كيفية الحفاظ على خصوصية معلوماتهم الشخصية خاصة مع الغرباء، عارضين عليهم طرق نشركم الخاصة للمعلومات وكيفية تقييدها بالضروري فقط، مع إلزامية احترام المعلومات الشخصية للأصدقاء والعائلة وألا يشاركوا أي معلومات عن الآخرين قد تسبب لهم أي إحراج أو أذى. وعدم الوثوق بأي شخص جديد أو الاستجابة لأي طلب غريب أو محاولة تقرب.

والأهم، افتحوا ابواب التواصل بينكم وبين ابنائكم وعززوا ثقتهم بأنفسهم وبكم وشجعوهم على مصارحتكم بكل نشاطاتهم على المواقع الإلكترونية وكل ما يتعرضون له. واكسروا لهم حاجز الخوف كي لا يخضعون لأي تهديد.

الأمن السيبراني مسؤولية كل فرد، قوموا بتوعية انفسكم لتساهموا بتنشئة جيل سليم.