الأخلاق والوعي في مواجهة الابتزاز الإلكتروني

ريجينا الأحمدية

عندما يتخطى التطور الحدود الأخلاقية ويسيطر عليه ضعفاء النفوس والمهووسين بالأذى. وعندما تُستَخدم التكنولوجيا بقلة وعي، تبرز الآفات والكوارث الإلكترونية. ومن أخطرها الابتزاز الإلكتروني.

في بعض الأيام يشعر الشخص، – بغض النظر عن عمره وجنسه – بالملل أو الوحدة، فيتوجه إلى مقعد أمام شاشة ثابتة، يضيئها ليبرز أمامه العالم كله داخل تطبيقات ووسائل ومنصات، يطلق عليه هذه الأيام لقب مُستخدِم. وأثناء رحلته المزيفة يتعرف إلى غرباء، منهم من يمر مرور الكرام ومنهم المحنكون المخضرمون الذين يستطيعون ضخ شعور الأمان بذبذبات وكلمات وربما أصوات. يشعر المُستخدِم في هذه الأثناء بالراحة والطمأنينة ويفتح قلبه وصدره وحياته دون حذر أو قيود. وهنا يتحول من مُستَخدِم إلى مُستَخدَم وهي الدرجة الأولى التي يكتسبها.

تمر الأيام وربما تكون ساعات فقط، تتوطد العلاقات الإلكترونية ويُكشَف المستور. وتبرز هوية المستَخدِم الآخر برتبة مبتز إلكتروني، ينتقل المستخدم الأول من مرحلة المُستخدَم إلى مرحلة الضحية، لينهال عليه المبتز بطلبات لا تعد ولا تحصى ولا تقاس بحجمها وأخلاقياتها. وإن لم يأتي التنفيذ والاستجابة المشروطة بالعقوبات النتنة، بالوقت المحدد والكمية المطلوبة، تفضح الأسرار وتنشر الصور وتتزايد التهديدات وتتصاعد وتيرة الابتزاز.

وتأتي هذه الآفة بأنواع متعددة، لكل منها أهداف وأساليب إيقاع بالضحايا خاصة.

فالابتزاز الإلكتروني المادي، يهدف إلى الحصول على الأموال من الأفراد أو الشركات من خلال اختراق الأجهزة والسيطرة على المعلومات والبيانات والصور والتهديد بنشرها إذا لم يتم دفع المبلغ المطلوب.

أما الابتزاز المنفعي فهو الحصول على خدمات معينة من أصحاب النفوذ في مواقع السلطة من سياسة واقتصاد وإعلام، طبعاً مقابل تكتم المبتز على ما يعرفه من تزوير أو فبركه أمر ما. كالحصول على وظيفة في موقع مهم أو إخراج شخص من السجن أو تسليط ضوء الإعلام على حدث أو شخصية معينة.

وهناك الابتزاز العاطفي حيث يقوم المبتز بإسداء خدمة للضحية ومن ثم اخذ موقف منها على أتفه الأسباب ليشعرها بالمسؤولية أو الخجل ولتقوم برد الخدمة كعربون شكر وعاطفة.

ولا ننسى الابتزاز الأشهر وهو الجنسي، حيث يقود قلة وعي الضحية إلى الثقة العمياء بالمجرم الإلكتروني وتسليمه صور أو فيديوهات حساسة لها أو ربما أسرار بالغة الأهمية ليتم إبتزازها جنسياً مقابل التكتم على ما أصبح يملكه المبتز.

ولتفادي الوقوع ضحية الابتزاز، هذّبوا استخدام الإنترنت والتكنولوجيا، لتكون أداة تعلم وعمل واكتساب المعرفة، لا تجعلوا منها مراكز للفضفضة والترفيه عن النفس. واضبطوا انفعالاتكم ومشاعركم وتصرفوا بوعي ومسؤولية. وفي حال التمادي والوقوع بين براثن المبتز، لا تتوسلوا إليه ولا تظهروه كمتحكم بمصيركم وأغلقوا فوراً كل سبل التواصل بينكما قبل الدخول معه بأي مفاوضات، احتفظوا بكل دلائل الابتزاز من رسائل وتسجيلات وغيره وتوجهوا فوراً إلى الجهات المسؤولة أو قسم الجرائم الإلكترونية في الشرطة.

وتتميز المملكة الأردنية الهاشمية في مجال مكافحة الابتزاز والجرائم الإلكترونية، حيث يمكنكم التبليغ فوراً عبر الرقم 196، مع الإشارة إلى أنه لدى المباحث الجنائية أشخاص مدربون وقادرون على معالجة الجرائم الإلكترونية وإحالة المجرم إلى القضاء الأردني.

تمسكوا بالوعي وابقوا بأمان ولا تقعوا ضحية الابتزاز الإلكتروني.